المصدر: اليوم السابع 2/3/2025
كتب - محمود مقبول
تشهد المساجد فى سوهاج خلال شهر رمضان المبارك، وخاصة المساجد الأثرية، ازدحامًا ملحوظًا من قبل المصلين الذين يتوافدون عليها بشكل مستمر طوال أيام الشهر الفضيل، هذه المساجد لا تقتصر أهميتها على كونها أماكن لأداء الصلاة، بل هى معالم تاريخية ودينية تحمل فى طياتها قصصًا من الزمن الماضى وتجسد الهوية الثقافية والدينية للمجتمع فى سوهاج. ومع دخول رمضان، تزداد أهمية هذه الأماكن كمراكز روحية تزخر بالسكينة والطمأنينة، حيث يحرص المصلون على قضاء الوقت فيها للصلاة والعبادة، مما يجعلها مقصدًا رئيسيًا للمؤمنين من كافة بقاع المدينة والقرى المحيطة.
تعد مساجد سوهاج الأثرية من أبرز الأماكن التى يتوافد إليها المسلمون فى هذا الشهر الكريم، حيث أن لها تاريخًا طويلًا يعكس عمق العلاقة بين أهل المدينة وديانتهم، ومن بين أبرز هذه المساجد، يقع مسجد العارف بالله الذى يعد من أعرق وأشهر المساجد فى سوهاج يعود تاريخ بناء المسجد إلى القرن الثامن الهجرى، وقد تم تجديده فى عام 1968 ليصبح مركزًا روحيًا يتوافد إليه المصلون من كل مكان فى رمضان، يزداد إقبال المصلين على هذا المسجد، حيث يجتمعون فيه لأداء صلاة التراويح وقيام الليل، ويشعرون فى أروقته بالسلام الداخلى والسكينة التى توفرها أجواؤه الروحية المسجد يقع فى منطقة مقدسة بالقرب من قبور الأمراء وضريح العارف بالله، مما يضفى عليه قدسية خاصة ويجعله مقصدًا دينيًا هامًا للمؤمنين فى الشهر الفضيل.
ولا تقتصر المساجد الأثرية فى سوهاج على مسجد العارف بالله، بل هناك أيضًا المسجد الصينى فى مدينة جرجا الذى يُعد من أقدم المساجد فى المحافظة تم بناء المسجد فى العصر العثمانى على يد الأمير محمد بك الفقارى عام 1117 هجريًا، وتم تجديده بعد فيضان أصاب المنطقة فى عام 1202 هجريًا، ويقع المسجد فى منطقة "القيثارية" المرتفعة التى تحميه من الفيضانات، ويتميز بتصميمه المعمارى الفريد الذى يتضمن جدرانًا مبنية بالطوب المحروق وسقفًا خشبيًا أعطاه طابعًا خاصًا فى شهر رمضان، يشهد المسجد إقبالًا كبيرًا من المصلين الذين يحرصون على أداء صلاة التراويح فيه، حيث الأجواء الروحية الهادئة التى توفرها جدرانه التاريخية. ويمثل المسجد مكانًا مقدسًا للعبادة ويجذب المسلمين الذين يتوقون إلى الشعور بالسلام الداخلى فى هذا الشهر الكريم.
وفى مدينة أخميم، يعد مسجد الأمير حسن بن الأمير محمد من المعالم الأثرية التى تستقطب الزوار فى رمضان المسجد الذى تم بناؤه فى القرن الثانى عشر الهجرى يشتهر باستخدام الأعمدة الخشبية التى تحمل سقفه، وهى سمة نادرة فى مساجد الصعيد، مما يجعله فريدًا من نوعه فى شهر رمضان، تكتظ ساحة المسجد بالمصلين الذين يحرصون على أداء الصلاة فيه. وتعتبر صلاة التراويح فى هذا المسجد تجربة روحية استثنائية، حيث يتوافد المؤمنون للاستمتاع بالأجواء الروحانية والعبادة، ويشعرون بوجود صلة قوية بين التاريخ والدين فى هذا المكان المبارك.
أما فى مدينة طهطا، فإن مسجد الشيخ جلال الدين يمثل أحد أبرز المعالم المعمارية والفنية فى سوهاج شُيد المسجد فى القرن السابع الهجرى، وأعيد تجديده فى عام 1273 هـ يتميز المسجد بتصميمه المعمارى الفريد، حيث يعكس الطراز المعمارى الإسلامى التقليدى ومع قدوم شهر رمضان، يحرص المسلمون على الصلاة فى هذا المسجد الذى يعكس تاريخًا طويلًا من العبادة والتقوى. تزداد أعداد المصلين فى المسجد، حيث يأتون للاستفادة من الأجواء الروحانية فى صلوات التراويح وقيام الليل.
إن توافد المصلين على المساجد الأثرية فى سوهاج فى شهر رمضان ليس مجرد أداء لواجب دينى، بل هو أيضًا احتفاء بالتراث الدينى والمعمارى الذى يميز هذه المساجد فالمصلون لا يذهبون فقط لأداء الصلوات، بل يتطلعون إلى التفاعل مع تاريخ هذه الأماكن المقدسة التى تمثل شاهدًا حيًا على العمارة الإسلامية والتاريخ الدينى للمنطقة. وتجسد المساجد الأثرية فى سوهاج تاريخًا طويلًا من العبادة والتقوى، مما يجعلها أماكن مميزة يجب الحفاظ عليها من أجل الأجيال القادمة.
وتزدحم هذه المساجد بالمصلين فى أوقات الصلاة الرئيسية مثل صلاة الفجر والعشاء، ويحرصون على قضاء أوقات طويلة فى المسجد، سواء فى أداء الصلاة أو فى قراءة القرآن الكريم أو الاستماع إلى الدروس الدينية كما أن هذه المساجد أصبحت مراكز اجتماعية وروحية يتجمع فيها الأهالى، مما يعكس روح التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع فى هذا الشهر الفضيل. ومن خلال الازدحام الكبير للمصلين، يتجلى التعلق العميق بالمساجد كأماكن تمثل الجزء الأسمى من حياة المسلمين فى سوهاج.
وفى النهاية، تظل المساجد الأثرية فى سوهاج معالم دينية وثقافية تحمل فى طياتها قصصًا من الماضى، وتظل وجهات مهمة للمصلين فى رمضان الذين يسعون للتقرب إلى الله فى أجواء تعبق بالروحانية والتاريخ.